الخرسانات



 الخرسانات
والخَرَسانة من أهم مواد البناء. والإسمنت مسحوقٌ ناعمٌ رماديُّ اللون، يتم
خلطه مع الماء وموادٍ أخرى كالرمل والحصى وشظايا الحجر، لصنع الخرسانة. يعمل الإسمنت والماء على تكوين عجينة تربط الموادّ الأخرى بعضها ببعض عندما تجف الخرسانة. وكثيراً ما يخطئ الناس في استخدام كلمات مثل الإسمنت والخرسانة ويطلقون عبارة الرصف الإسمنتي على الرغم من أن الرصف يُعمل في الواقع من الخرسانة.
الخرسانة لاتحترق ولاينفذ منها الماء، كما أنها رخيصة نسبيَّا ومن السهل عملها. وعندما يتم خلطها في البداية، يكون من السهل صبُّها في قوالب مختلفة. تجمد الخرسانة بسرعة وتصبح مادة قويةً تدوم لمدة طويلة دون أن تكون في حاجة إلى عناية كبيرة.
معظم أنواع الإسمنت المستعملة اليوم من الإسمنت البورتلانديّ، وهو من الإسمنت المائيّ، أو من النوع الذي يتجمد تحت الماء. وسُمِّي هذا الإسمنت باسم بورتلاند لأنّ له نفس بنية الحجر الموجود في محاجر جزيرة بورتلاند، وهي شبه جزيرةٍ على الساحل الجنوبي من بريطانيا.
استخدامات الإسمنت والخرسانة
ترتكز معظم ناطحات السحاب والمصانع وعدد كبير من المنازل على أساسات خرسانية. وقد تحتوي هذه المباني على إطارات وجدران وأرضيات وسقوف خرسانية. وتُستخدم الخرسانة لبناء السدود من أجل تخزين المياه ولبناء الجسور من أجل ربط جانبي الأنهار. وتسير السيارات والشاحنات على طرقٍ خرسانية، كما تهبط الطائرات على مدارج خرسانية.
وتخترق الأنفاق الخرسانية الجبال وتمتد تحت الأنهار. وتوزع الأنابيب الخرسانية المياه، وتنقل مياه الصرف الصحيّ بعيداً ، وتُصرف الأراضي الزراعية، كما تحمي أسلاك الهاتف وخطوط الطاقة الكهربائية تحت سطح الأرض.
ويُستخدم الإسمنت البورتلاندي أساساً في عمل الخرسانة، إلا أن بالإمكان استخدامه في أمور أخرى. على سبيل المثال، تُخلط ألياف الصوف الصخري (الأسبستوس) مع الإسمنت والماء لعمل بلاطات الأسقف، إلا أن استعمالها قد توقّف لأسبابٍ تتعلق بالسلامة.
أنواع الخرسانة
الخرسانة المخلوطة حديثاً تصب في القوالب التي تحافظ على شكلها حتى تتصلب. ويقوم العمال بفرش الخرسانة الرطبة، ذات البنية الخشنة، ودفعها إلى زوايا القوالب (يسار). ولإنتاج سطح سوي، يعمل العمال على تنعيمها قبل أن تجف تمامًا (وسط).

هنالك عدة طرق لتقوية الخرسانة أو لعمل مواد البنـاء الخرسانيـة. وتشـمل 1- الخرسـانة المسلّحــة 2- الخرسانـة السابقـة الإجهـاد (مقواة بالأسـلاك) 3- الخرسانة السابقة الصبّ 4- خرسانة أعمال البلوك. وقد عمـل المهندسـون على تطويـر أنـواع خاصة من الخرسانة لاستخدامات معينة وهي تشمـل: 1- الخرسانة المفرَّغـة 2- الخرسانــة سريعـة الشـك 3- الخرسانة خفيفة الوزن.
الخرسانة المسلحة. يتم عملها بصب الخرسانة حول قضبانٍ أو أسياخٍ من الحديد، وتعمل أسياخ الحديد على تقوية الخرسانة. وتتطلب معظم المنشآت الكبيرة هذا النوع من الخرسانة.
الخرسانة السابقة الإجهاد. يتم عملها عادةً بصب الخرسانة حول أسلاك فولاذية تشد بوساطة شدادات هيدروليكية (محركة بوساطة الماء). وبعد أن تتصلب الخرسانة، تطلق الشدَّادات فتعمل الأسلاك على ضغط الخرسانة، إذ تكون الخرسانة أقوى عند ضغطها. ويمكن أيضاً ثني الأسلاك الفولاذية على شكل قوس، وبذلك يمكن تسليط قوة في الاتجاه المرغوب فيه، كالاتجاه العلويّ في حالة الجسر، إذ تساعد هذه القوة على معادلة الضغط السفليّ المتولِّد من وزن الجسر. وتكون الكمرات والسقوف والأرضيات والجسور المصنوعة من الخرسانة السابقة الإجهاد أرخص عادةً في بعض الاستخدامات مقارنةً بالخرسانة المسلحة.
الخرسانة السابقة الصبّ. تُصبُّ فتجف قبل استعمالها في التشييد. وتقوم شركات الخرسانة سابقة الصب بصناعة الأنابيب الخرسانية للصرف الصحيّ ووحدات الأرضية والسقف وأجزاء الجدار والكمرات والعوارض، ثم تقوم بشحنها إلى موقع البناء. ويقوم البناءون أحياناً بعمل هذه الأجزاء في موقع البناء ورفعها إلى مواقعها بعد أن تتصلب. ويساعد الصب السابق على إنتاج كميات كبيرة من مواد البناء الخرسانية إذ إن معظم الخرسانة السابقة الإجهاد من نوع الصبّ المسبق.
خرسانة أعمال البلوك. تشمل عدة أشكال وأحجام من الخرسانة السابقة الصب. وتستخدم في بناء الجدران في عدة دول. وقد تكون خرسانة أعمال البلوك لأغراض تجميلية وتشمل طوب البناء.
الخرسانة المفرَّغة. تحتوي على فقاعات هوائية صغيرة جدًا تتولد من إضافة مواد راتنجية تشبه الصابون، أو مواد دهنية، إلى الإسمنت أو إلى الخرسانة أثناء خلطها. انظر: الراتينج. وتساعد الفقاعات على إعطاء حيزٍكافِ لتمدُّد الماء الموجود في الخرسانة عندما تتجمد. كما تحمي الفقاعات سطح الخرسانة من المواد الكيميائية المستعملة في إذابة الجليد. والواقع أن هذه الخواص تجعل من الخرسانة المفرَّغة مادةً جيدة للطُّرق ومدارج المطارات.
الخرسانة سريعة الشك. تستعمل بشكل رئيسيّ في المناخ البارد. تصنع هذه الخرسانة من الإسمنت البورتلانديّ سريع الشك، وتجف بسرعة أكبر عما هي في الخرسانة العادية. وهي تكلف أكثر من الخرسانة العادية. إلا أنها أرخص عادة في الاستعمال، لأنها تقلِّل من الزمن المطلوب لحماية الخرسانة في المناخ البارد.
الخرسانة الخفيفة الوزن. تزن أقل من الأنواع الأخرى من الخرسانة. ويصنعها البناءون بطريقتين، فقد يستخدمون الطَّفْل الخفيف الوزن أو الطين أوالخَفَّاف (غُبار بركاني) أو مواد أخرى، وذلك بدلاً من الرمل والحصى وكسر الحجر. أو قد يضيفون المواد الكيميائية الرغوية لإنتاج الفراغات الهوائية في الخرسانة كلما زادت تصلبا. وهذه الفراغات الهوائية أكبر بكثير من تلك الفراغات الهوائية في الخرسانة المهوَّاة.
كيف تُصنع الخرسانة
المواد الأولية. الخرسانة خليط من الإسمنت البورتلانديّ والماء والركام. والركام مادة كالرمل أو الحصى أو كسر الصخور أو خبث الحديد (مخلفات المواد الأولية). ويكوِّن الإسمنت والماء عجينة تجعل الركام يتماسك وتعمل منه كتلاً تشبه الصخر كلما جمدت. ويستخدم البناءون عادةً الركام الناعم كالرمل، أوالركام الخشن ككسر الحجر، لصنع الخرسانة. ويجب أن يكون الركام خاليًا من الطمي والوحل والطين والغبار والمواد الأخرى التي قد تُضعف الخرسانة. كما يجب أن يكون الماء المستعمل في الخرسانة خاليًا من الأوساخ والشوائب الأخرى.
وقد يضيف البناءون مواد للخرسانة تُسمى المضافات وذلك لإعطائها خواصَّ مميزة؛ إذ تعمل المواد الناعمة جداً مثل الرماد المتطاير، وهو ماينتج عن محطات الطاقة التي تحرق الفحم الحجري، على جعل الخرسانة الطرية أكثر لدانة بحيث يسهل تشكيلها. وتشتمل المضافات الأخرى على مختلف أنواع الشحوم، والسكريات والمعادن. وتُستعمل هذه المواد لإسراع أو إبطاء تجمد الخرسانة أو لإعطائها لوناً أو لزيادة مدى صلاحيتها ومقاومتها للطقس.
خلطات خرسانية موصى بها
المادة
الحجم
الوزن
إسمنت
كيس واحد أو 0,03 م§
50 كجم
ماء
24 لتر
24 كجم
رمل
0,07 م§
106 كجم
ركام خشن*
0,09 م§
137 كجم
تعمل هذه الخلطة نحو 0,1 متر مكعب من الخرسانة
*
جسيمات يتراوح تدريج أحجامها بين 5 و 20 ملم.

الخلط. يقوم العمال بقياس القدر المناسب من المواد قبل خلط الخرسانة. وتعتمد مقاومة صلاحية الخرسانة بشكل رئيسي على كمية الماء المستعمل. فإذا كانت كمية الماء المضافة أكثر من اللازم، تصبح عجينة الإسمنت ضعيفةً جداًً بحيث لاتستطيع جَعْل الركام يتماسك بشكل قويّ عندما تجمُد. وكلما قلَّ الماء، وكان في حدود الكميات المناسبة، أصبحت الخرسانة قوية.
ويمكن خلط الخرسانة يدوياً أو بالآلة، فالخلط الآلي يساعد أكثر على تجانس الخلطات، إذ يعمل الخلط الجيد على تغليف جزيئات الركام وتعبئة كلِّ الفراغات الموجودة داخلها بعجينة الإسمنت. أما في معظم أعمال الإصلاحات المنزلية، فإنه يمكن خلط الخرسانة يدوياً.
وتختلف طرق خلط الخرسانة بالآلات بشكل متباين. فهي يمكن خلطها آلياً في الموقع الذي ستُستخدم فيه. وتعمل شركات الخلط الجاهز كمياتٍ هائلةٍ من الخلطات الخرسانية في مصانع الخلط، ثم تنقلها بالشاحنات إلى مواقع العمل. وتستخدم بعض الشركات الخلاطات الآلية المركبة على الشاحنات، فتعمل الآلات على خلط الخرسانة أثناء نقلها إلى موقع البناء. ويستطيع أصحاب البيوت شراء كمياتٍ جاهزةٍ من خلطات الإسمنت والركام للإصلاحات الصغيرة. وكل مايحتاجون إليه هو إضافة الماء فقط لهذه الخلطات.
الخرسانة خلطة من الإسمنت البورتلاندي والماء ومواد أخرى كالرمل والحصى تخلط بمقادير معينة.

الصبُّ. يصب العمال الخرسانة الطرية في قوالب مصنوعة من خشب الأبلكاش، أو الفولاذ، إذ تحافظ هذه القوالب على شكل الخرسانة حتى تجمد. وقد تصب الخرسانة في القوالب مباشرةً أو من خلال مجارٍ. ويستعمل العمال العجلات اليدوية (عربات بعجلتين) أو عربات نقل صغيرة تسير على سكة أو شاحنات أو دلاء تُرفع بالروافع (بالأوناش). ويمكن أيضاً ضخ الخرسانة في القوالب من خلال أنابيب فولاذية.يجب دفع الخرسانة بعد صبِّها إلى زوايا وجوانب القوالب بمجاريف خشبية. كما يجب دك الخرسانة أو ضغطها إلى أسفل، وذلك لمنع تكوين فراغات تُسمى خلايا النحل. وقد يلجأ العمال أحياناً إلى غرز هزازات داخل الخرسانة، أو ربطها بالقوالب للمساعدة على تجانس الخرسانة.
ويجب تسوية الخرسانة المصبوبة في الأرضيات والأرصفة والطرق بوساطة لوح مستقيم الحواف. بعد ذلك، يجب تركها حتى تختفي الطبقة المائية الشفافة من سطحها. ثم يجب تعديل السطح بمالج خشبي يسمى بالعوامة الخشبية، حيث تقوم العوامة بعمل سطح خشن لمنع الانزلاق أو التزحلق باتجاه الحركة بعد تجمد الخرسانة. ويمكن عمل سطح أكثر نعومة باستعمال المالج الفولاذي بعد العوامة الخشبية. وكثيراً ما تُستعمل العوامات الآلية الفولاذية الدوَّارة.
الإنضاج. يعمل على تجمد الخرسانة بالشكل المناسب، فبعد اكتساب الخرسانة قوة كافية لمقاومة التشوه، ترش بالماء ثم تغطى بقماش القنب المبلول أو الخيش أو الرمل المبلول، ويعمل هذا الغطاء على منع الخرسانة من الجفاف السريع جدًا. يعمل التفاعل الكيميائيّ بين الإسمنت البورتلانديّ والماء على تصلب الخرسانة. ولهذا السبب، كلما زادت مدة ترطيب الخرسانة، زادت قوتها. ويجب إبقاء الخرسانة رطبة لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام في المناخ الحار. والمناخ البارد يبطئ من معدل تصلب الخرسانة. كما يجب الحفاظ على الخرسانة المتصلبة عندما تنخفض درجات الحرارة لدرجة قريبة من درجة التجمد، وذلك بوساطة قماش القنب أو القش.
وتنكمش الخرسانة كلما تصلبت وذلك بسبب فقدان الرطوبة كلما جفت الخرسانة، أو بسبب تبريد الخرسانة، إذ يعمل التفاعل الكيميائي بين الإسمنت البورتلاندي والماء على توليد حرارة. وعندما تستعمل كميات كبيرة من الخرسانة، كما في السدود، يجب التخلص من هذه الحرارة لمساعدة الخرسانة على التصلب بشكل مناسب. ويتم ذلك عادة بتسيير ماء بارد في أنابيب لصيقة بالخرسانة. وقد عملت شركات الإسمنت على تطوير نوع خاص من الإسمنت البورتلاندي يولد حرارة أقل مما تولده أنواع الإسمنت الأخرى.
كيف يصنع الإسمنت
المواد الخام. يحتوي الإسمنت البورتلاندي على نحو 60% جيرًا و 25% سليكا و 5% ألومينا. ويكوِّن أكسيد الحديد والجبس بقية المواد. ينظم الجبس مقدار التماسك أو زمن تصلب الإسمنت. أما الجير فيؤخذ من مواد مثل: الحجر الجيري وصدف المحار والطباشير، ونوع من الطين يسمى الطين الجيري. ويستخرج من الطفْل والطين والإردواز، وخبث الحديد ومادتي السيليكا والألومينا. أما أكسيد الحديد فيمكن أخذه من خام الحديد أو البيريت أو من مواد أخرى.
وتقع معظم مصانع الإسمنت قرب محاجر الحجر الجيري وأحيانًا قرب رواسب الطين والمواد الخام الأخرى. وتعمل السفن والقطارات والشاحنات والأحزمة الناقلة المتحركة على نقل الحجر الجيري ومواد الخام الأخرى إلى المصانع. وفي المصانع، تمر المواد خلال عمليات كيميائية تتكون من ثلاث خطوات أساسية: 1 - السَّحْق والطحن 2 - الحرق 3 - الطحن النهائي.
السحق والطحن. يُنقل الحجر الجيري من المحاجر إلى الكسّارات الرئيسية التي تعالج قطعًا كبيرة تصل إلى حجم البيانو ذي الأوتار العمودية. في العملية الأولى من الكسر يتم تحطيم الصخر إلى أجزاء يصل حجمها إلى حجم كرة المضرب. ثم تقوم الكسارات المِطْرَقية، بتكسير الصخر إلى أجزاء عرضها نحو سنتيمترين.
بعد ذلك، يتم خلط الصخر المكسر والمواد الخام الأخرى بالكميات المطلوبة لعمل الإسمنت البورتلاندي، ثم يطحن هذا الخليط بعد ذلك في طواحين الكرات وطواحين الأنابيب الدوارة التي تحتوي على آلاف الكرات الفولاذية التي تطحن الخليط إلى جسيمات ناعمة. ويمكن طحن المواد إما بطريقة الطحن الرطب وإما بطريقة الطحن الجافّ. في العملية الرطبة، يضاف الماء أثناء الطحن إلى أن يتكون خليط كالحساء يُسمى الروبة. ولا يضاف الماء في الطريقة الجافة.
الحَرْق. بعد طحن المواد الخام، يتم إدخالها إلى القمين. وهو فرن أسطواني ضخم من الفولاذ مبطن بالطوب الحراري. يدور تنور الإسمنت دورة واحدة تقريبًا في الدقيقة، ويُعدُّ من أكبر الأجزاء المتحركة المستخدمة في الصناعة. وقد يزيد قطره على 8 أمتار وطوله على 230 م. وتكون إحدى نهايتيه أعلى من الأخرى. فتدخل المواد الخام المطحونة من النهاية العليا، وتنزلق ببطء نحو النهاية السفلى أثناء دوران القمين. ويتم إحراق النفط أو الغاز أو الفحم الحجري الناعم في النهاية السفلى من القمين فيتولد عن ذلك عاصفة من اللهب لتسخين المواد إلى درجات حرارية تتراوح بين 1430°م و1600°م . تحول الحرارة المواد الخام إلى مادة تسمى الآجر في حجم قطع تقارب حجم المرمر.
الطحن النهائي. تعمل المراوح الهوائية الكبيرة على تبريد الآجر بعد خروجه من القمين. وقد يتم تخزين الآجر للاستخـدام المستقبلـي، أو قد يُطحـن في طواحين الكرات أو الأنابيب. وتُضاف كمية قليلة من الجبس إلى الآجر قبل إعادة طحنه. يعمل هذا الطحن النهائي على إنتاج مسحوق الإسمنت البورتلاندي بصورة أكثر نعومة من الدقيق. ويتم خزن الإسمنت في الصوامع بانتظار الشحن.
الشحن. يُنقل الإسمنت من المصانع إما سائبًا (غير معبأ في أكياس) وإما معبأ في أكياس ورقية قوية. ويُنقل الإسمنت السائب بالقطار أو الشاحنة أو بالبحر. ويُعبَّأ الإسمنت في أكياس تحتوي على 50كجم أو 0,03م§ من الإسمنت في الكيس الواحد.
نبذة تاريخية
طوّر قدماء الرومان الإسمنت والخرسانة إلى مايشبه الأنواع المستعملة حالياً. وكان للإسمنت الذي استعملوه صلاحية عظيمة لدرجة أن بعض أبنيتهم وطرقهم وجسورهم مازالت موجودةً إلى الآن. ولصناعة الإسمنت، خلط الرومان الجير المُطفأ وهو جير أضيف إليه الماء، مع رماد بركاني يسمى البوزولانا. ولقد أنتج الرومان الإسمنت المائي الذي يتصلب بالماء، إلا أنَّ الناس فقدوا فنَّ إنتاج الإسمنت بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي. وفي سنة 1756م، استطاع المهندس البريطانيّ جون سميتون صنع الإسمنت المائي مرة أخرى وذلك باستعمال جيربلو لايس مع محتويات طينية بوزولانا من إيطاليا.
تطلبت المشاريع الهندسية العملاقة في القرن التاسع عشر تصنيع إسمنت مائي جيد. وفي سنة 1796م، صنع جيمس باركر الإسمنت المائيّ من عُقيدات الحجر الجيريّ المنقَّى من الطين اللندنيّ وقد أصبح هذا النوع معروفاً بالإسمنت الرومانيّ. وفي سنة 1811م، حصل جيمس فروست على براءة اختراع الإسمنت المائيّ من تكليس مزيج الحجر الجيري والطين. وعمل جوزيف أسبيدن على تحسين العملية، وذلك برفع درجة الحرارة. لقد استطاع أسبيدن صنع إسمنت عالي الجودة مقارنة بالإسمنت العاديّ وذلك عن طريق مزج أو سحق، أو حرق، أو إعادة السحق لكميات معلومة من الحجر الجيري والطين. وفي سنة 1845م، تم تصنيع أول إسمنت بورتلانديّ معتمد من قبل آي. سي. جونسون. وجاء اختراع القمائن ذات الإنتاج المستمر نحو عام 1880م، وتبعها أول قمين دوَّار مازال يستخدم إلى الآن على المستوى العالمي.
أوجد تشييد قناة إيري أول طلب ضخم على الإسمنت في الولايات المتحدة الأمريكية. واكتشف المهندس الأمريكيّ كانفاس وايت صخرًا في مقاطعة ماديسون، بنيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية، يمكن منه تصنيع الإسمنت المائيّ الطبيعيّ بعد قليل من المعالجة. واستُخدم الإسمنت المصنوع من هذا الصخر في بناء القناة.
طور البستانيُّ الفرنسيّ، جوزيف مونييه الخرسانة المسلحة في حوالي عام 1850م. وفي عام 1927م، طوّر المهندس الفرنسي أوجين فريسينيه الخرسانة السابقة الإجهاد.
تبنى المعماريون الحداثيون أو البروتاليون الخرسانة باعتبارها مادة، وطوروا الطراز الدولي الذي اعتمد على إبراز سطوح كبيرة من الخرسانة غير المزخرفة. وأحد الأمثلة المشهورة على ذلك هو مجمّع مباني البنك الجنوبيّ في لندن. واستُخدمت الخرسانة المسلحة أيضاً وبشكل واسع في المنشآت العملاقة لاستخراج البترول من أعماق البحر؛ ذلك لأن مقاومة الخرسانة لماء البحر أفضل بكثير من مقاومة الفولاذ أو المعادن الأخرى التي تتآكل عند تعرضها لماء البحر. أما في المياه البريطانية، فقد تراجعت الخرسانة في الإنشاءات القاعدية تدريجياً أمام الفولاذ، إلا أن النرويجيين تمسكوا باستعمالها؛ نظرًا لعوامل السلامة الموجودة في الخرسانة.
وقد جرت محاولات متعددة للحصول على خلطات خرسانية محسّنة وأقل ثمناً، كان ذلك واضحاً في ألواح الزجاج المصنعة من الخرسانة المسلحة سابقة الصب، إلا أن القليل فقط من هذه المحاولات وصل إلى المستوى المطلوب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق